فصل: (سورة الضحى: آية 4)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{والضحى وَالليل إِذا سجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قلى} الواو حرف قسم وجر و{الضحى} مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف و{الليل} منسوق على الضحى وأجاز ابن هشام أن تكون الواو في {والليل} عاطفة أو قسمية قال والصواب الأول وإلا لاحتاج كل إلى الجواب. و{إذا} ظرف لمجرد الظرفية متعلق بفعل القسم وقد تقدمت له نظائر وجملة {سجى} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{ما} حرف نفي وهو جواب القسم والجملة لا محل لها و{ودعك} فعل ماض ومفعول به و{ربك} فاعل، {وما قلى} عطف على {ما ودعك}.
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولى} الواو عاطفة واللام لام الابتداء وهي مؤكدة لمضمون الجملة والآخرة مبتدأ و{خير} خبر و{لك} متعلقان بـ: {خير} و{من الأولى} متعلقان بـ: {خير} أيضا.
{ولسوف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} الواو عاطفة واللام للابتداء وهي مؤكدة لمضمون الجملة أيضا وجملة سوف يعطيك خبر لمبتدأ محذوف تقديره أنت وإنما لم تكن واو قسم لأنها لا تدخل على المضارع إلا مع نون التوكيد فتعين أن تكون الابتداء، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة المكوّنة من المبتدأ والخبر فتعين تقدير مبتدأ وأن يكون أصله ولأنت سوف يعطيك ربك فترضى، ومن المفيد أن ننقل لك سؤالا للزمخشري وجوابه قال:
فإن قلت: ما معنى الجمع بين حرفي التأكيد والتأخير؟
قلت: معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر لما في التأخير من المصلحة.
وسوف حرف استقبال و{يعطيك ربك} فعل مضارع مرفوع ومفعول مقدّم وفاعل مؤخر والفاء عاطفة وترضى فعل مضارع معطوف على {يعطيك}. وقيل اللام للقسم وأنه إذا حصل فصل بين اللام والفعل امتنعت النون وثبتت لام القسم.
{أَلَمْ يَجِدْكَ يتيماً فآوى وَوَجَدَكَ ضالا فهدى وَوَجَدَكَ عائلا فأغنى} كلام مستأنف مسوق لتعداد أياديه ونعمه عليه والغرض من تعدادها تقوية قلبه صلى الله عليه وسلم وتشجيعه على السير في طريقه التي اختارها اللّه وهي طريق محمودة العواقب سليمة المغاب.
والهمزة للاستفهام التقريري ولم حرف نفي وقلب وجزم و{يجدك} فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود على اللّه تعالى والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول و{يتيما} مفعول به ثان والفاء حرف عطف وآوى عطف على قوله: {ألم يجدك} أي وجدك ويجوز أن يكون الوجود بمعنى المصادفة لا بمعنى العلم فتكون الكاف مفعولا به و{يتيما} تعرب حالا من المفعول به.
وذلك أن أباه مات وهو جنين وقبل ولادته بشهرين وقيل بل بعد ولادته بشهرين وقيل بسبعة أشهر وقيل بتسعة وقيل بثمانية وعشرين شهرا والمشهور الأول، وتوفيت أمه وهو ابن أربع سنين وقيل خمس سنين وقيل ست سنين وقيل سبع سنين وقيل ثمان سنين وقيل تسع سنين وقيل اثنتي عشرة سنة وشهر وعشرة أيام، ومات جدّه وهو ابن ثمان وكان عبد المطلب قد وصّى أبا طالب به لأن عبد اللّه وأبا طالب من أم واحدة فكان أبو طالب هو الذي كفل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد جده إلى أن بعثه اللّه نبيا.
{ووجدك} معطوف و{ضالا} مفعول به ثان أو حال، وأحسن ما قيل في معنى الضلال هو خلوّه من الشريعة فهداه بإنزالها إليه فالمراد بضلاله كونه من غير شريعة وليس المراد به الانحراف عن الحق والتعسف في مهامه الضلال ويؤيد هذا المعنى قوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} وهناك أقوال كثيرة أربت على العد ضربنا صفحا عنها ويرجع إليها في المطولات، وسيأتي مزيد من معنى الضلال في باب البلاغة.
{ووجدك عائلا فأغنى} منسوق على ما تقدم مماثل له في إعرابه.
قال الفراء لم يكن غناه عن كثرة المال ولكن اللّه تعالى أرضاه بما أعطاه وتلك حقيقة الغنى.
وفي الحديث: «ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس» وقال صلى الله عليه وسلم: «جعل رزقي تحت ظل رمحي».
{فَأَمَّا اليتيم فَلا تقهر} الفاء الفصيحة وأما حرف شرط وتفصيل و{اليتيم} مفعول به مقدم لـ: {تقهر} والفاء رابطة لجواب الشرط ولا ناهية و{تقهر} فعل مضارع مجزوم بلا وفاعله مستتر تقديره أنت أي لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه وهذا تعليم سام أكده النبي بقوله: «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه، ثم قال بإصبعيه: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين».
{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تنهر} منسوق على ما قبله والأولى أن يكون السائل أعم من أن يسأل المال أو العلم ليوافق التفصيل التعديد ويطابقه.
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فحدث} منسوق أيضا و{بنعمة} متعلقان بحدّث والفاء غير مانعة لأنها بمثابة الزائدة والنعمة أعمّ من أن تشمل الدين والغنى والإيواء وما أفاء عليه من الغنائم وأتاح له من النصر والتحدّث بها مندوب إليه لحفز الهمم ودفع النفوس إلى التأسّي والاقتداء.
وما أجمل ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن اللّه جميل يحب الجمال». و«يحب أن يرى أثر النعمة على عبده»، وروي «أن شخصا كان جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فرآه رثّ الثياب فقال له صلى الله عليه وسلم: ألك مال؟ قال: نعم فقال له صلى الله عليه وسلم: إذا آتاك اللّه مالا فلير أثره عليك». وفي الحديث أيضًا: «إن رجلا سأله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إني أعمل البرّ وأخفيه عن المخلوقين ثم يطلع عليه فهل لي في ذلك من أجر؟ فقال: لك في ذلك أجران أجر السر وأجر العلانية».

.البلاغة:

1- في قوله: {والليل إذا سجى} مجاز عقلي حيث أسند السكون إلى الليل، وقد تقدم في المجاز العقلي أنه إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقي، ومن روائعه قول أبي الطيب في مديح كافور:
أبا المسك أرجو منك نصرا على العدا ** وآمل عزا يخضب البيض بالدم

ويوما يغيظ الحاسدين وحالة ** أقيم الشقا فيها مقام التنعم

فإسناد خضب السيوف بالدم إلى ضمير العز غير حقيقي لأن العز لا يخضب السيوف ولكنه سبب القوة وجمع الأبطال الذين يخضبون السيوف بالدم ففي العبارة مجاز عقلي علاقته السببية وفي الآية إسناد السجو إلى ضمير الليل غير حقيقي وإنما المراد أصحابه فهم الذين يسكنون.
2- وفي قوله: {وجدك ضالا فهدى} استعارة تصريحية شبّه الشريعة بالهدى وعدم وجودها بالضلال وحذف المشبه وأبقى المشبه به وهو الضلال من ضلّ في طريقه إذا سلك طريقا غير موصلة لمقصده والمقصد هنا العلوم النافعة التي تسمو بالعقل والروح معا.
3- وفي قوله: {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر} فن الالتزام أو لزوم ما لا يلزم فقد لزمت الهاء قبل الراء، وفي هاتين الفاصلتين مع الالتزام تنكيت عجيب فإنه يقال: هل يجوز التبديل في القرينتين فتأتي كل واحدة مكان أختها؟ فيقال لا يجوز ذلك لأن النكتة في ترجيح مجيئهما على ما جاءتا عليه أن اليتيم مأمور بأدبه وأقل ما يؤدب به الانتهار فلا يجوز أن ينهى عن انتهاره وإنما الذي ينهى عنه قهره وغلبته لانكساره باليتم وعدم ناصره فمن هاهنا ترجح مجيء كل قرينة على ما جاءت عليه ولم يجز التبديل. وأدرجه بعضهم في باب التخيير من فنون البلاغة وقد تقدمت الإشارة إليه.
4- وفي قوله: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} فن الحذف، فقد حذف مفعول يعطيك الثاني تهويلا لأمره واستعظاما لشأنه، وإن هذه المعطيات أجلّ من أن تذكر، وأكبر من أن تدرج أي الشيء الكثير من توارد الوحي عليك بما فيه إرشاد لك ولقومك ومن ظهور دينك وعلو كلمتك وإسعاد قومك بما تشرع لهم وإعلائك وإعلائهم على الأمم في الدنيا والآخرة. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الضحى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: {ودعك} بالتشديد، وقد قرئ بالتخفيف، وهى لغة قليلة قال أبو الأسود الدؤلى:
ليت شعرى عن خليلي ما الذي ** غاله في الحب حتى ودعه أي ترك الحب

قوله تعالى: {وما قلى} الألف مبدلة عن ياء لقولهم قليته، والمفعول محذوف: أي وما قلاك، وكذلك فآواك وفهداك وفأغناك، و{اليتيم} منصوب، بعده، وكذلك {السائل} و{بنعمة ربك} متعلق بـ: (حدث) ولا تمنع الفاء من ذلك لأنها كالزائدة. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة الضحى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الضحى: الآيات 1- 2]

{والضحى (1) وَالليل إِذا سجى (2)}
{والضحى} جار ومجرور متعلقان بفعل قسم محذوف {وَالليل} معطوف على الضحى {إذا} ظرف زمان {سجى} ماض فاعله مستتر والجملة في محل جر بالإضافة.

.[سورة الضحى: آية 3]

{ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قلى (3)}.
{ما} نافية {وَدَّعَكَ} ماض ومفعوله {رَبُّكَ} فاعل والجملة جواب القسم لا محل لها {وَما قلى} معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الضحى: آية 4]

{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولى (4)}.
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ} الواو حرف عطف واللام لام الابتداء والآخرة خير مبتدأ وخبره والجملة معطوفة على ما قبلها {لَكَ} متعلقان بخير {مِنَ الأولى} متعلقان بـ: {خير}.

.[سورة الضحى: آية 5]

{ولسوف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى (5)}.
{ولسوف} اللام لام الابتداء وسوف حرف استقبال {يُعْطِيكَ} مضارع ومفعوله {رَبُّكَ} فاعل والجملة معطوفة على ما قبلها {فترضى} الفاء حرف عطف ومضارع فاعله مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الضحى: آية 6]

{أَلَمْ يَجِدْكَ يتيماً فآوى (6)}.
{أَلَمْ يَجِدْكَ} الهمزة حرف استفهام وتقرير ومضارع مجزوم بلم والكاف مفعول به أول والفاعل مستتر {يتيماً} مفعول به ثان والجملة مستأنفة {فآوى} ماض فاعله مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الضحى: آية 7]

{وَوَجَدَكَ ضالا فهدى (7)}.
{وَوَجَدَكَ} ماض ومفعوله الأول والفاعل مستتر {ضالا} مفعول به ثان والجملة معطوفة على ما قبلها {فهدى} معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الضحى: آية 8]

{وَوَجَدَكَ عائلا فأغنى (8)}.
معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الضحى: آية 9]

{فَأَمَّا اليتيم فَلا تقهر (9)}.
{فَأَمَّا} الفاء الفصيحة (أما) حرف شرط وتفصيل {اليتيم} مفعول به مقدم {فَلا تقهر} الفاء رابطة ومضارع مجزوم بلا الناهية والفاعل مستتر والجملة الفعلية جواب الشرط لا محل لها.

.[سورة الضحى: آية 10]

{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تنهر (10)}.
معطوفة على ما قبلها والإعراب واضح.

.[سورة الضحى: آية 11]

{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فحدث (11)}.
{وَأَمَّا} الواو حرف عطف (أما) حرف شرط وتفصيل {بِنِعْمَةِ} متعلقان بحدث {رَبِّكَ} مضاف إليه {فحدث} الفاء زائدة وأمر فاعله مستتر. اهـ.